نذكر هذه التقسيمات بإيجاز ، ثم نعود إلى أحكامها فيما بعد ، وقد قسم التأمين باعتبارات مختلفة إلى مجموعة من الأقسام ، فهو يقسم باعتبار طبيعة التأمين وأساسه الذي يؤثر في كيفية إدارته إلى تأمين بقسط ثابت (التأمين التجاري) وتأمين بقسط غير ثابت في الغالب وهو التأمين التعاوني (التأمين التبادلي) .

 وبالنظر إلى عقد التأمين يمكن تقسيم التأمين من حيث المحل الذي يتعلق به العقد إلة تأمين بحري ، وجوي ، وبري .

وباعتبار غرضه إلى تأمين من الأضرار ، والتأمين على الأشخاص .

 

التقسيم الأول باعتبار طبيعة التأمين :

يقسم التأمين بهذا الاعتبار إلى ما يلي :

1. التأمين بقسط ثابت (التأمين التجاري) :

 وهو التأمين الذي تقوم به شركة مساهمة يكون غرضها الأساسي تحقيق الربح عن طريق إجراء المقاصة بين المخاطر والأقساط الثابتة الواقعة على عاتق المستأمن في مقابل تحمل ما يتحقق من مخاطر تتحملها الشركة المؤمنة وحدها دون تضامن مع المستأمنين حيث تدفع مبلغ التأمين ، وما يتبقى يكون خاصاً بها[1] . 

 وعرفه الدكتور عيسى عبده بأنه : (عقد يلتزم المؤمن بمقتضاه أن يؤدي إلى المؤمن له ، أو إلى المستفيد الذي اشترط التأمين لصالحه مبلغاً من المال أو إيراداً مرتباً ، أو أي عوض مالي آخر حالة وقوع الحادث ، أو تحقق الخطر المبين بالعقد في نظير قسط ، أو أي دفعة مالية يؤديها المؤمن له للمؤمن ، ويتحمل المؤمن بمقتضاه تبعة مجموعة من المخاطر بإجراء المقاصة بينهما وفقاً لقوانين الإحصاء)[2] .

وله أنواع سنذكرها فيما بعد بالتفصيل إن شاء الله .

2. التأمين التعاوني :

 هو أن تتعاون مجموعة من الناس بالتبرع بدفع مبلغ إلى صندوق خاص بهم لتعويض خسائر الخطر الذي قد يتعرض لها أحدهم[3] ، مثل أن يقوم أهل السوق بإنشاء صندوق تعاوني من أموالهم بحيث يقدم كل منهم حصته منه (قسط التأمين) ويرصد المبلغ في صندوق للطوارئ بحيث يؤدى منه تعويض لأي مشترك منهم عندما يقع الخطر الذي أسس الصندوق لدفعه كخطر السرقة أو الاحتراق [4].

وله أقسام نذكرها في فصله الخاص به بإذن الله .

 

التقسيم الثاني باعتبار محل العقد :

 فالتأمين بهذا الاعتبار يقســم إلى : التأمين البحري ، والتأمين الجوي ،والتأمين البري.

 فالتأمين البحري : هو التأمين على السفن والمراكب والبضائع التي تنقل عن طريق البحر ، أو النهر .

والتأمين الجوي : هو التأمين لتغطية أخطار النقل الجوي التي تتعرض لها الطائرة ، أو حمولتها من الأشخاص والبضائع .

والتأمين البري: هو التأمين لتغطية الأخطار التي لا تدخل في نطاق التأمين البحري والجوي[5] .

 

التقسيم الثالث باعتبار غرض التأمين :

 يقسم التأمين باعتبار غرضه من مبلغ التأمين إلى:تأمين من الأضرار،والتأمين على الأشخاص.

1. فالتأمين من الأضرار هو التأمين الذي يكون غرضه تعويض المستأمن عما يلحق به من ضرر عند تحقق  الخطر المؤمن منه ، حيث لا ينظر فيه إلاّ إلى مقدار الضرر الحادث فعلاً ، على عكس التأمين على الأشخاص حيث يدفع مبلغ التأمين المتفق عليه عند تحقق الخطر دون النظر إلى حدوث الضرر أو مقداره [6].

وهذا النوع ينقسم إلى قسمين هما :

أ ـ التأمين على الأشياء حيث يستهدف تعويض المستأمن عن الخسائر المادية التي لحقت ذمته ، مثل التأمين ضد الحريق ، أو السرقة ، أو هلاك المحصولات أو نحوها .

 ومن صوره الحديثة تأمين ائتمان أي ضمان الاستثمار ضد خطر التأميم والمصادرة ومنع تحويل العملة ونحوها في المجال التجاري وكتأمين البائع ضد خطر إفلاس ، أو إعسار المشتري في البيع المؤجل،وفي المجال الدولي التأمين على الصادرات لتشجيعها [7].

ب ـ التأمين من المسؤولية .

2.التأمين على الأشخاص .

 

التقسيم الرابع باعتبار المصلحة فيه :

حيث يقسم إلى تأمين خاص بالفرد ، او المؤسسة ، وإلى تأمين اجتماعي :

 والتأمين الخاص يهدف المستأمن منه إلى حماية مصلحته الخاصة ولذلك فهو اختياري من حيث المبدأ ـ إلاّ في بعض حالات ـ يقوم به الفرد احتياطاً لمستقبله ولذلك يتحمل وحده أقساط التأمين .

 أما التأمين الاجتماعي فيستهدف إلى حماية مصلحة عامة مثل الطبقة العاملة ، ولذلك تساهم الدولة مع أصحاب الأعمال ، والعمال في حمايتهم من أخطار المهنة ، وتجبرهم الدولة على هذا التأمين ، وتقوم به ، وتتحمل أي زيادة في الأعباء ، كما أن العامل لا ينفرد وحده بدفع أقساط التأمين ، بل يشترك معه في ذلك الدولة وصاحب العمل .

 ويتميز التأمين الاجتماعي لصالح العمال والموظفين بأنه الذي تقوم به الدولة ، وتتحمل أي زيادة في الأعباء ، وأنه إجباري لا يخضع لإرادة الأفراد وحدهم ، بل تنظمه الدولة بقواعد آمرة تصدرها تشريعات التأمينات الاجتماعية ، كما أنه لا يخضع للقواعد المنظمة لعقود التأمين الخاص[8] ، ولا يستهدف الاسترباح ، ولذلك فهو مشروع كما صدر بذلك قرار من مجمع البحوث الإسلامية حيث جاء في مقررات مؤتمره الثاني : ( ب : نظام المعاشات الحكومي ، وما يشبهها من نظام الضمان الاجتماعي المتبع في بعض الدول ، ونظام التأمينات الاجتماعية المتبع في دول أخرى كل هذا من الأعمال الجائزة) ، لأنها من باب التعاون على البر والتقوى والتكافل الذي أمر به الإسلام في نصوص كثيرة ، كما انه ينسجم مع مقاصد الشريعة[9] .

 

وللتأمين الاجتماعي أنواع وهي :

1. نظام التقاعد : وهو أن تجعل الدولة للموظف راتباً عند بلوغه سناً معنية أو بعد قضائه في الوظيفة مدة معينة مقابل اقتطاع جزء من راتبه الشهري .

2. الضمان الاجتماعي ، وهو أن تجعل الدولة أو من ينوب عنها للموظف تعويضات في حالة الإصابة بالمرض أو العجز أو الشيخوخة مقابل اقتطاع جزء من راتبه الشهري .

3. التأمين الصحي وهو أن تتكفل الدولة بتقديم العلاج اللازم للموظف المريض مقابل قسط شهري يدفعه[10].

 


 

 

([1]) يراجع : د. السنهوري : الوسيط ط. دار النهضة العربية / القاهرة (7/1156) ود. حسام الأهواني : المبادئ العامة للتامين ط. القاهرة 1975 ص 22 ود. أحمد سعيد شرف الدين : ص00028

([2]) د. عيسى عبده : العقود الشرعية ص 131

([3]) د. السنهوري : المرجع السابق (7/1099) وعبدالودود ص 18 ، 19

([4]) د. الزرقا : نظام التأمين ص 19 ود. وهبة الزحيلي : المرجع السابق (4/442)

([5]) د. السنهوري (7/1156) ود. أحمد السعيد شرف الدين ص 32

([6]) د. النسهوري (7/1531)

([7]) د. أحمد شرف الدين : عقود التأمين ، وعقود ضمان الاستثمار ص 8 ـ 10

([8]) د. أحمد شرف الدين : المرجع السابق ص 32 ، 33

([9]) د. محمد بلتاجي : عقود التأمين من وجهة الفقه الإسلامي ص 204

([10]) د. محمد بلتاجي : عقود التأمين من وجهة الفقه الإسلامي  ص 204