التأمين لغة مصدر : أمّن يؤمّن تأميناً ، وأصله من أمن ـ بكسر الميم ـ أمنا ، وأماناً وأمانة ، وأمنة ، أي اطمأن ولم يخف ، فهو آمن ، وأمين ، وأمن البلد ، اطمأن فيه أهله ، وأمنه عليه ، أي وثق به ، قال تعالى : (هل آمنكم عليه إلاّ كما أمنتكم على أخيه من قبل)[1] أي هل وثقت بكم …، وجاء أمُن ـ بضم الميم ـ أمانة ، أي كان أميناً ، وآمن يؤمن إيماناً أي صدقه ، قال تعالى : (وما أنت بمؤمن لنا)[2] أي مصدق ، ويقال : أمّن على دعائه أي قال : آمين[3] ، وعلى الشيء : دفع مالاً منجماً لينال هو أو ورثته قدراً من المال متفقاً عليه ، أو تعويضاً عما فقد ، يقال : أمّن على حياته ، أو على داره ، أو سيارته (مج) إشارة إلى أن هذا المعنى الأخير جديد ، أقره مجمع اللغة العربية[4] .
فالتأمين هو تحقيق الأمن والاطمئنان حيث استعمله القرآن الكريم في هذا المعنى كثيراً ، فقال تعالى : ( وآمنهم من خوف )[5] وقال تعالى : ( …أولئك لهم الأمن وهم مهتدون)[6] .
واما التأمين في الاصطلاح القانوني والاقتصادي فهو عقد يلتزم أحد طرفيه ـ وهو المؤمن ـ قبل الطرف الآخر ، وهو المستأمن أداء ما يتفق عليه عند تحقق شرط أو حلول أجل في نظير مقابل نقدي معلوم[7] ، وقد عرفه القانون المدني المصري في المادة 747 بأنه ” عقد يلتزم المؤمن بمقتضاه أن يؤدي إلى المؤمن له ، أو إلى المستفيد الذي اشترط التأمين لصالحه مبلغاً من المال ، او إيراد مرتب أو أي عوض مالي آخر في حالة وقوع الحادث ، أو تحقق الخطر المبين بالعقد وذلك في نظير قسط أو أية دفعة مالية أخرى يؤديها المؤمن له للمؤمن” وأخذ بهذا التعريف القانون المدني الكويتي في مادته 773 ، والقانون المدني السوري في مادته 713 ، والقانون المدني الليبي في مادته 947 ، والتقنين العراقي في مادته 983 [8].
وهذا التعريف يبرز عناصر التأمين وأركانه ، ويوضح العلاقة بين المؤمن والمؤمن له ، كما أن التعريف يوضح ان العلاقة بينهما علاقة معاوضة ، وأن مبالغ التأمين في مقابل أقساط التأمين ، ولكنه لم يتطرق إلى الأسس الفنية للتأمين مع أنها من مكوناته ، ولذلك رجح الكثيرون تعريف هيمار الذي ينص على أنه : (عملية يحصل بمقتضاها أحد الأطراف ، وهو المؤمن له نظير دفع قسط ، على تعهد لصالحه ، او لصالح الغير ، من الطرف الآخر وهو المؤمن ، تعهد يدفع بمقتضاه هذا الأخير أداء معيناً عند تحقق خطر معين ، وذلك بأن يأخذ على عاتقه مهمة مجموعة المخاطر ، وإجراء المقاصة بينها وفقاً لقوانين الإحصاء)[9] .
وهذا هو التعريف للتأمين الذي يسمى : التأمين التجاري أو التأمين بقسم ثابت ، وسيأتي التعريف بالتأمين التعاوني ، والتأمين الإسلامي عند الحديث عن هذين النوعين ، ونستطيع ذكر تعريف عام للتأمين الذي يمكن تقسيمه إلى هذه الأنواع الثلاثة وهو : الاتفاق بين طرفين أو أكثر على تفتيت مخاطر وتوزيع آثارها على أكثر من واحد سواء كان الاتفاق عن طريق المعاوضة ، أم عن طريق التبرع .
([1]) سورة يوسف / الآية (64)
([2]) سورة يوسف / الآية (17)
([3]) لسان العرب ، والقاموس المحيط ، والمعجم الوسيط ، مادة ” أمن ”
([4]) المعجم الوسيط ، ط.قطر (1/28)
([5]) سورة قريش / الآية 4
([6]) سورة الأنعام / الآية 82
([7]) يراجع : د. عبدالرزاق السنهوري : الوسيط في شرح القانون المدني ، \. دار النهضة العربية 1964 (7/1084) ود. أحمد شرف الدين : أحكام التأمين في القانون والقضاء ، ط. جامعة الكويت عام 1403هـ ـ 1983 ، ص 18 وما بعدها ، ود.غريب الجمال : التأمين التجاري والبديل الإسلامي ، ط. دار الاعتصام ، ص 62 ، ود. عيسى عبده : التأمين بين الحل والتحريم ، ط. دار الاعتصام ، ص 8 ، ود. محمد الزغبي : عقود التأمين ، رسالة دكتوراه بكلية حقوق القاهرة عام 1402هـ ، ص 164 والأستاذ مصطفى الزرقا : نظام التامين ، ط.مؤسسة الرسالة ص 19 ، وبحثه المنشور في مجلة الاقتصاد الإسلامي ، ضمن بحوث مختارة من بحوث المؤتمر العالمي الدولي للاقتصاد الإسلامي بجامعة الملك عبدالعزيز ط. 1400هـ ص 373
([8]) المراجع السابقة
([9]) د. السنهوري : الوسيط ( 7/1090) ود. أحمد شرف الدين ، ص20